الأشهر الهجرية آخر اهتمامات الجزائريين.. الاحتفال بأول محرم عادات وتقاليد لا نختلف عنها

0
58

لا يهتم أغلب الجزائريين بالأشهر الهجرية، إذ أنه لا يمثل عندهم سوى عطلة مدفوعة الأجر، وما لاحظناه عند إجرائنا لاستطلاع أن التاريخ الهجري مهمش والجهل بالأشهر الهجرية عند الكثيرين واقع لا مفر منه حتى لدى المثقفين والمسئولين، ما أدى إلى جهل المواطنين لهذا التاريخ الغائب في ثقافة الجزائريين.

 

أحلام. بن علال

 

يمارس تهميش كبير للتاريخ الهجري من طرف الهيئات الحكومية ومؤسسات الدولة والإدارات العمومية والوزارات وحتى المدارس والجامعات في الجزائر التي لا تعتمد إلا على التاريخ الميلادي، حتى وزارة التربية التي باتت تخاطب الأساتذة والتلاميذ بالتاريخ الميلادي في رزنامة العطل ومواعيد الامتحانات، ما جعل التاريخ الهجري غائبا في أقسام الدراسة وثقافة الأساتذة وحتى التلاميذ.

لما قمنا باستطلاعات للرأي العام على واقع الثقافة الهجرية وسط الجزائريين بكل المستويات فوجئنا بجهلهم المطلق في معرفة السنة الهجرية والأشهر القمرية، وهو الأمر الذي يتطلب أكثر من تفسير.

واختلفت الحجج من شخص إلى آخر بجهلهم للأشهر القمرية، فمن المختصين من ربط ذلك بالاستعمار الفرنسي الذي جرد الجزائريين من هويتهم وثقافتهم ولغتهم لأكثر من قرن ونصف القرن من الزمن، ومنهم من أرجع ذلك إلى المدرسة الجزائرية التي حضر فيها التعليم وغابة التربية، لدرجة أن وسيلة إعلامية دخلت إحدى المدارس الثانوية وسألة المعلمين عن السنة الهجرية “في أي سنة هجرية نحن” فأبدى أغلب الأساتذة جهلهم للسؤال، فما بالك التلاميذ الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة واقع باتت فيه اللغة الفرنسية والثقافة الغربية المعيار الأول للتميز ..!

 

 المدارس أولى المتهمين بتهميش التاريخ الهجري  

أرجع رئيس فيدرالية أولياء التلاميذ الحاج دلالو، سبب عدم معرفة أغلبية التلاميذ من الأطوار الثلاثة الابتدائي والمتوسط والثانوي وحتى الجامعيين للتاريخ الهجري إلى عدم اندماج التواريخ الهجرية في منهاج البرامج البيداغوجية التي حسبه من المفروض أن تتعامل بالتاريخين الهجري والميلادي حتى يتسنى لأبنائنا المتمدرسين التفريق بينهما، مؤكدا أن العملية تندرج ضمن مهام اللجنة الوطنية للمناهج التي تعمل تحت رعاية وزارة التربية، والمجبرة بإبداء اهتمام ومراعاة التاريخ الهجري، لأنه يرتبط بالإسلام وبسيرة خاتم الأنبياء.

وأردف نفس المتحدث في إحدى مقالاته الصحفية قائلا “نحن كبلد عربي مسلم علينا أن نولي اهتماما أكبر للتاريخ الهجري على حساب التاريخ الميلادي، الذي له علاقة بميلاد المسيح عيسى عليه السلام، وأضاف أنه في الماضي كانت المطبعات تنتج يوميات عليها التاريخ الميلادي والهجري وهذه المبادرة قد شهدت نقصا كبيرا في السنوات الأخيرة”.

من جهتها، تحدثت إحدى المعلمات على أن جميع المعلمين بالمدرسة لا يتجاهلون التاريخ الهجري، فكل معلمة عند أول حصة تكتب التاريخ الميلادي والتاريخ الهجري معا حتى يتسنى للتلميذ التعرف عليهما، مشيرة أن تلاميذ السنة الثانية لديهم درس عن الأشهر القمرية والشمسية في مادة التربية المدنية والسنة الثالثة برمج لهم درس في مادة التاريخ عن التاريخ الهجري والميلادي والهدف منه اكتساب التلميذ المعرفة التاريخية البسيطة ويسمح له  التمييز بين التقويمين الميلادي والهجري، وترى  أن عدم كتابة المعلمين التاريخ الهجري سينعكس سلبا على ثقافة أبنائنا الإسلامية.

 

الأئمة يختلفون حول صيام الأول من محرم

يختص بعض المواطنين نهاية رأس السنة الهجرية ببعض الطقوس كحرصهم على صيام آخر يوم في السنة الهجرية وصيام أول يوم في السنة الجديدة، وقد انتشرت الدعوى لاتباع هذه العادة بشكل كبير في أوساط الشباب المتدينين والذين وجدوا أن في استقبالهم للعام الجديد بالصيام فرصة لتطهير صحيفتهم من الذنوب وهو ما يثير جدلا واسعا بين الأئمة والمفتين.

إذ ذكر الشيخ فركوس في فتوى منشورة على موقعه الخاص أنه لا يجوز تخصيص يوم آخر العام بنية توديع السنة الهجرية القمرية ولا أول يوم من المحرم بنية افتتاح العام بالصيام، باستثناء ما ورد من تخصيص عاشوراء ويومي المخالفة فيهما لليهود، وهناك من خصص آخر العام وأول العام بالصيام استنادا على حديث موضوع ومكذوب: “من صام آخر يوم من ذي الحجة وأول يوم من محرم ختم السنة الماضية وافتتح السنة المستقبلية بصوم جعل الله له كفارة خمسين عاما”.

وفي ذات السياق قال أبو شامة: ”لم يأت شيء في أول ليلة محرم وقد فتشت فيما نقل من الآثار صحيحا وضعيفا وفي الأحاديث الموضوعة فلم أر أحدا ذكر فيها شيئا وإني لأتخوف والعياذ بالله من مفتر يختلق فيها حديثا”، وهو دليل على عدم جواز اتباع هذه البدعة وصيام هذين اليومين مثلما يفعله الكثيرون.

وهو ما ذهب إليه، الشيخ علي عية، إمام المسجد الكبير وشيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن الكريم، والذي أكد على أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة الكرام أنهم اختصوا آخر يوم من ذي الحجة وأول يوم من شهر محرم بالصيام، وأوضح الشيخ عية بأن شهر محرم هو من الأشهر الأربعة الحرم فيها يتضاعف الأجر ويستحب فيها الصيام وقد حرم القتال فيه، والرسول صلى الله عليه وسلم اختص فقط يوم التاسع والعاشر منه بالصيام لمخالفة اليهود والنصارى، وهو اليوم الذي نجا فيه المولى عز وجل سيدنا موسى من فرعون لذا على الباغين إدراك فضله التقرب فيه بالعبادات والطاعات وصيام ما استطاعوا منه.

من جهته، أكد الأمين العام للنقابة الوطنية لأئمة وموظفي الشؤون الدينية وإمام مسجد تيليملي، الشيخ جلول حجيمي أن صيام الفاتح من محرم جائز ومشروع فهو كسائر أيام السنة الهجرية وقد اتخذه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كبداية للسنة الهجرية وتأريخا للمسلمين، وهو ليس مرتبطا بالعبادات كونه اعتمد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم والصيام فيه ليس له فضل معين ولا يوجد ما يمنع الصيام.

 

عادات وتقاليد غريبة للعائلات الجزائرية في يوم محرم

 

تحتفل العديد من العائلات الجزائرية برأس السنة الهجرية في مختلف ولايات الوطن، بعادات وتقاليد متنوعة ومختلفة بهدف لم الشمل وإعداد مأدبة عشاء يكون فيها الطبخ التقليدي سيد الاحتفال.

وأهم الأطباق التي تزين الطاولة الجزائرية نجد “الرشتة” في العاصمة الجزائرية، وّ”الشخشوخة” البسكرية في الجنوب، والكسكسي في منطقة القبائل والتريدة” في الشرق الجزائري، و”السفة” بالعنب الجاف في الغرب، كل حسب عاداته ورغباته.

وأجمعت سيدات على أن هذا اليوم مقدس عندهن كونه يوقظ أهمية صلة الرحم وزيارة الأقارب ويجمع أفراد العائلة على مائدة واحدة.

وفي نفس الموضوع تحدثت خالتي وردية من منطقة القبائل عن تفننها في إعداد مائدة العشاء ليلة رأس السنة الهجرية حيث توصي زوجها بشراء دجاجة حية “جاج عرب” ويذبحونها في المنزل ثم تطبخها مع مختلف أنواع الخضر وتقدم مع الكسكس.

وفي العاصمة قالت خالتي سامية إنها تعودت على طبخ الرشتة ليلة رأس السنة الهجرية بمرق الدجاج أو اللحم حسب المتوفر في المنزل، منتهزة اجتماع أفراد العائلة في المنزل.كما تقوم باختيار قصعة من الحجم الكبير، ووضع أصغر طفل في العائلة بداخلها، تصب مختلف أنواع الحلويات والمكسرات فوق رأسه، ثم يتمنون ويدعون أن تكون السنة الهجرية المقبلة حلوة على أفراد العائلة ثم توزع عليهم في أجواء أسرية حميمية.

أما كريمة من الشرق الجزائري، فقد تعودت طبخ شخشوخة الظفر أو شخشوخة السيار بنفس الطريقة التي ورثتها عن أجدادها وهي الأكلة المفضلة في الأعياد الدينية، بالإضافة إلى إعداد الشاي بأوراق النعناع مع مختلف أنواع المكسرات وهي الليلة التي تجمع العائلة متناسية مشاكلها.

واعتبرت الحاجة زهرة من بومرداس أول محرم عيدا حيث تدعو أبناءها المتزوجين وتذبح الدجاج بعدد أفراد العائلة ويتم طهيه لإعداد مرق الكسكسي وبعد تناول وجبة العشاء تجتمع العائلة على مائدة الشاي بسرد مواقف مضحكة كانت أو محزنة. وعبرت عن أسفها لتراجع الاحتفالات بسبب انقطاع صلة الرحم بين الأسر الجزائرية. وقالت جارتها السيدة حسيبة أنها تركز في هذا اليوم المبارك على طبخ أكلة تقليدية كالرشتة أو الكسكسي بالدجاج، حسب رغبة أفراد العائلة وفي السهرة تعد “الخفاف” متفائلين من خلاله سنة الجديدة أخف عليهم من السنة رأسها الشكولاطة، حتى تكون السنة حلوة عليهم وتحمل لهم الكثير من الأخبار السعيدة.

 

في الأخير أرجع  أغلب المواطنين عدم التمكن من حفظ ذلك والاعتماد على التاريخ الهجري لنقص الإشهار لذلك، حيث ساعات اليد والهواتف النقالة والحواسيب تقدم التاريخ الميلادي بينما يصعب تقديمه بالتاريخ الهجري لأنه لا يعتمد بالضرورة على الحسابات، ويبقى صراحة آخر اهتمامات الجزائريين دولة وشعبا.

LEAVE A REPLY