أصابع الاتهام موجهة إليها
المرأة العقيمة ضحية المجتمع
في مجتمعنا بالذات و بمجرد مرور مدة معينة من الزواج دون حدوث أي حمل، توجه أصابع إتهام الزوج وحتى الأهل المرأة مباشرة بأنها لا تستطيع الإنجاب وليس الرجل، حتى لو كان احتمالا بسيطا بأن يكون العيب في الرجل، وفي الحقيقة فإن هذه المسألة ليست عيبا، بل قضاء وقدر من الله، غير أنها لازالت تحكمها عادات اجتماعية ·
أحلام بن علال
وبالرغم من كون العقم حالة مزدوجة بين الرجل والمرأة قد يكون مرضا وقد يكون قضاء وقدرا، فإذا كان الزوج عقيما المجتمع يطالب الزوجة بالصبر والاستسلام لمشيئة الله وعدم التفريط في زوجها، لكن لو كانت تلك الزوجة هي التي لا تنجب أي عاقر والزوج سليم سنجد الكل يتدخل ويطالبه بالزواج من أخرى، وما أكثرها التدخلات التي أثرت في قرارات حاسمة للزوجين، فلماذا عقم المرأة بلاء في عين المجتمع، وعقم الرجل عادي، اقتربنا من بعض الحالات وتابعناها واخترنا هذه العينات عن قصد لأخذ العبرة والتجربة لكي لا يتسرع الرجل في خراب بيته، فقد يكون العقم منه وليس منها، فليس غريبا في مجتمعنا أن تقضي المرأة حياتها مع زوج عقيم، إذ تسلم بمصيرها هذا وتتنازل عن مشاعر الأمومة الأصلية بداخلها وبكامل إرادتها وحر اختيارها ونزولا عند رغبة المجتمع حولها، المفارقة هذه التي تطالب المرأة بالتنازل عن أثمن حلم يراود كل أنثى وعدم التخلي عن زوجها هو نفسه الذي يمارس الضغوطات على المرأة العاقر ويطعن في أنوثتها.
قصة واقعية
أمام هذا الموقف غير العادل “أمين” يقدم تجربته لتكون عبرة بعدما ندم على التفريط في زوجته الأولى وعلى ظلمه لها قائلا ” لطالما حلمت بالزواج وفتح منزل، تعرفت على فتاة أحببتها كثيرا وقدر الله وتزوجنا، العام الأول كان كحلم تحقق، لكن مع العام الثاني بدأت المشاكل مع كل واحد يسألني عن الأطفال أقلق والشيء الذي كان يحز في نفسي عندما أرى أصدقائي كلهم مع أولادهم وأنا لا أزال أنتظر، وبكلام الناس والوالدين أصبحت لا أرى شيئا، مرت حوالي خمس سنوات بدون أطفال وحلمي بهم كان كل يوم يكبر والمشاكل تتكاثر حتى قررت أن أعيد الزواج، تكلمت مع زوجتي وأخبرتها بالحقيقة أنني أريد الزواج عليها من أجل الأطفال لكن لا أريد تطليقها أو التخلي عنها، أدري أن هذه الكلمات كانت كـالرصاصة التي أصابتها، قضت ذلك اليوم كله وهي تبكي وأخبرتني قائلة “غير أنا اللي منسمحش جيب عليا أخرى أنا منقبلش بالضرة”، وقررت الخروج من حياتي، وبعد هذه الكلمة التي أخبرتني بها قبل خروجها “منسمحلكش حاسبتني على حاجة ماراهي بيدي ماراهي بيدك راهي بيد خالق الكون”، خرجت وذهبت إلى منزل والديها من بعد هذه الحادثة تزوجت من أخرى ومرت السنة والسنوات لكن لا يوجد شيء، الشيء الذي أثر في نفسي أنني حطمت حياتي بيدي وأنا طامع فالذرية لكن الله لم يكتبهم لي لكن ندمت لو بقيت مع الزوجة الأولى التي أحببتها كانت ستعوضني عن كل شيء”.
العقم ينتشر لدى الرجال أكثر
أجمع أطباء التوليد في الجزائر، أن العقم ينتشر وسط الرجال أكثر من النساء، ما خلف جدلا واسعا وكسرا للمعتقدات الاجتماعية التي توارثها الجزائريون، والتي تجعل المرأة الوحيدة والمتهمة الأولى في حالات العقم، فستون بالمائة من حالات العقم في الجزائر وراءها الرجال، والغريب في الأمر حسب المختصين، أن نتائج تحليلات العقم أثبتت أن الرجال هم المتهم الأول لانتشار الظاهرة بنسبة 30 بالمائة مقابل 20 بالمائة من النساء، بينت إحصائيات وزارة الصحة معانات امرأة من أصل خمس نساء من العقم والرقم يرتفع لدى الرجال بنسبة رجلين من أصل خمسة، ويواجه الأطباء مشكل امتناع الرجال الأزواج عن إجراء التحليلات الطبية، حيث ما زالت الكثير من العائلات الجزائرية تتعامل مع العقم على أساس أنه من الطابوهات الاجتماعية.
العلاج
يلجأ العديد من الأزواج المصابين بالعقم إلى الطب البديل، بعد أن فشلوا في الإنجاب بالطرق العلمية الحديثة فضلا عن تأكيد الأطباء أن نسبة نجاحها لا تتجاوز 30 بالمئة، فيما هناك بعض مراكز العلاج بالأعشاب الطبية تعلن عن نجاح أدويتها الطبيعية بنسبة 100 بالمئة، من بينها مركز بغدادي المعروف على المستوى الوطني بنجاحه في علاج العديد من الأمراض، الأعشاب الطبية التي يقدمها للأزواج المصابين بالعقم تنجح فعاليتها وينجبون أطفالا. وهناك حالات لا تنجح، لأن علاجه ما هو إلا سبب فقط للشفاء، والشفاء الكلي يكون من الله عز وجل، لأن هناك من قدر الله له أن يعيش عقيما مدى حياته.
من المؤسف أن يرمي الزوج بزوجته ظلما بعد عشرة من الزمن ويجحف في حقها وهو يعلم تماما أن الله يجعل من يشاء عقيما، فالاعتراض على مشيئة الله سبحانه وتعالى ليس من الدين أو العدل أو الأخلاق أو حتى من الرجولة·