افتتح يوم الخميس بالجزائر العاصمة معرض لقطع أثرية مكتشفة بالموقعين الأثريين لما قبل التاريخ، عين بوشريط بسطيف وتيغنيف بمعسكر، يضم عشرات اللقى الحجرية والحيوانية الأصلية ونماذج عن لقى بشرية تؤرخ للحضارات الإنسانية القديمة التي كانت سائدة بالمكان، تعرض للجمهور لأول مرة.
وتحت عنوان “سكان الجزائر الأوائل”، يضم هذا المعرض، الذي يشرف على تنظيمه المتحف العمومي الوطني باردو، قسما خاصا بكل موقع، فالأول متعلق بموقع عين بوشريط الذي يعود تاريخه ل 2.4 مليون سنة، وهو ثاني أقدم تواجد بشري في العالم وثاني أقدم موقع أثري في العالم، بعد موقع “قونا” بأثيوبيا الذي يعود تاريخه ل 2.6 مليون سنة.
وتم في 2018 الاعلان عن نتائج الحفريات الأثرية التي جرت بهذا الموقع من خلال مجلة “ساينس” الأمريكية، إذ يؤكد هذا الكشف الهام على أن شمال افريقيا والجزائر بالتحديد هي أيضا مهد البشرية وليس فقط شرق إفريقيا، ولا يزال البحث متواصلا في هذا الموقع على أمل إيجاد لقى بشرية.
ويضم هذا القسم العديد من اللقى التي اكتشفت بهذا الموقع ومن موقعي عين لحنش والخربة المجاورين له، تعود بدرجة أولى للعصر الأولدوانية وبدرجة ثانية للعصر الآشولي، بين أدوات حجرية وبقايا حيوانية (حيوانات أحفورية) على غرار “الحصى المقصبة” و”شظايا من حجر الصيوان” و”لوح كتف لفرس النهر” وكذا “ضرس خلفية لحصان هيباريون” و”فك سفلي لحيوان العلند” بالإضافة ل “قرن غزال سيتيفنسيس”.
ومن بين هذه اللقى أيضا “ضرس تمساح” و”ضرس خلفية لفرس النهر” و”ضرس ماموث” و”شظايا عظمية” وأيضا “عظمة المشط الخامسة لضبع مرقط” و”فك علوي لحصان تابتي” و”حصى مقصبة” و”أدوات حجرية ذات وجهين” و”نويات” و”سندان”.
ومن جهة ثانية، يضم المعرض قسما خاصا بموقع تيغنيف الذي يعود بدروه للعصر الآشولي، وهو الموقع الذي وجدت فيه لقى بشرية تعود لإنسان تيغنيف وهو أقدم إنسان في شمال إفريقيا، إذ ينتمي لنوع “الإنسان المنتصب” (هومو- إيريكتوس) ويعود تاريخه إلى “حوالي مليون سنة”، حسب نتائج تنقيبات جرت بالموقع سيتم نشرها “هذا العام”.
ومن اللقى المعروضة في هذا القسم فكوك سفلية لإنسان تيغنيف (فكوك سفلية لإنسان الأطلس الموريطاني) و”عظمة الجمجمة” الخاصة به، وهي نماذج طبق الأصل للفكوك الأصلية التي عثر عليه قديما بالمكان وتم نقلها إلى فرنسا إبان الفترة الاستعمارية.
ومن هذه اللقى أيضا مواد حجرية اخترعها ذاك الانسان وأيضا بقايا حيوانية، على غرار “أدوات ذات وجهين” و”ضرس خلفية لفرس النهر” و”ناب سفلية لفرس النهر” و”عظمتي الرتد والكعبرة لفرس النهر” و”عظمة الساق للحصان الموريطاني”.
هذا المعرض الذي يقدم ولأول مرة مجموعة واسعة من القطع الأثرية المكتشفة بتلك المواقع لفائدة الجمهور العاصمي يتميز أيضا بلافتات تشرح تاريخ هذه المواقع والبقايا البشرية والحيوانية وكذا الأدوات الحجرية التي تم وجدت بها، كما يضم لوحات كبيرة مرسومة تبرز الحيوانات التي كانت متواجدة آنذاك وكذا ملامح إنسان ذلك الوقت، تم تجسيدها بناء على معطيات علمية.
وبإمكان الزوار التعرف أيضا على جناح صغير يقدم مجموعة متنوعة من الأدوات التي يستعملها الباحثون الأثريون في حفرياتهم، بالإضافة للعديد من الصور التي تبرز جهود هؤلاء الباحثين وهم في الميدان بكلا الموقعين، وهم يجرون عمليات التنقيب.
وتتكون اللجنة العلمية لهذا المعرض من باحثين أثريين هم أنفسهم المشرفين على حفريات عين بوشريط (عين بوشريط-عين لحنش-الخربة) وتيغنيف، من الجزائر وبلدان أخرى كإسبانيا وأستراليا، يتقدمهم الجزائريان محمد سحنوني وزهير حريشان، من المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ علم الإنسان والتاريخ، المؤسسة المشرفة على هذه الحفريات.
وقال زهير حريشان، وهو أيضا مدير متحف باردو، أن الهدف من هذا المعرض هو “إبراز قيمة الموقعين الأثريين”، مركب عين بوشريط-عين لحنش-الخربة بسطيف بشرق الجزائر، وموقع تيغنيف بمعسكر بغربها، و”تسليط الضوء على الأهمية البالغة للنتائج العلمية التي خرجت بها التنقيبات فيهما”، ضاربا المثل بنتائج الحفريات بعين بوشريط التي قال أنها “عالمية بامتياز، كونها غيرت نظرة العالم حول مهد البشرية”.