صديق الجزائر الشاعر الفلسطيني الكبير عز الدين المناصرة يترجّل عن فرسه

انتقل إلى رحمة الله الشاعر الفلسطيني الكبير عز الدين المناصرة (1946-2021)، الذي يعتبر واحدا من أهمّ وأبرز الشعراء الفلسطينيين المعاصرين، يعدّ رفقة كل من محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، من بين “الأربعة الكبار في الشعر الفلسطيني”.

بوداود عميَر

وصفه الراحل الطاهر وطار بأنه “لا يقلّ أهمية عن زميله محمود درويش في الشعر، ولا يقل أهمية عن مواطنه إدوارد سعيد في النقد الثقافي المقارن”.
أصدر عز الدين المناصرة عددا معتبرا من المجموعات الشعرية ودراسات نقدية وأكاديمية.
ولعلّ من بين أشهر قصائده: “جفرا” و “بالأخضر كفناه”، بعد أن قام بتلحينهما بمهارة فنية عالية الموسيقار والفنان الملتزم مارسيل خليفة. يقول مطلع قصيدة “بالأخضر كفناه” :
بالأخضر كفّناه بالأحمر كفّناه
بالأبيض كفّناه بالأسود كفّناه
لا الريح تحاسبنا إن أخطأنا لا الرمل الأصفر
لا الموج ينادينا إن خطف النوم أعيننا
والورد إحمرّ
يا دمَهُ النازف إن كنت عذاباً يومياً
لا تصفرّ
وكان الشاعر عز الدين المناصرة قد أقام في الجزائر سنوات الثمانينيات، ودرّس في بعض جامعاتها؛ ألهمته “حيزية” القصيدة التراثية الشهيرة التي ألفها الشاعر الشعبي ابن قيطون، عن قصة واقعية، ليستعيد كتابتها ديوانا شعريا جميلا يحمل عنوان “حيزية عاشقة من رذاذ الواحات”، وقد نال الديوان نجاحا معتبرا في الجزائر والوطن العربي.

يقول مطلع القصيدة:

أحْسِدُ الواحةَ الدمويَّةَ هذا المساءْ
أحسدُ الأصدقاءْ
أحسدُ المتفرّجَ والطاولاتِ العِتاق الإِماءْ
الأكفَّ التي صفّقت راعفة
القواريرَ أحسدُها
والخلاخيلَ ذاهبةً آيبةْ
أحسدُ العاصفة في حنايا الفضاءْ
أحسدُ الخمرَ منسابةً، وعراجينها في ارتخاءْ
وابنُ قيطونَ، أحسدُهُ عاشقاً طافَ في زرعها و (سَطيف): حقولُ الشعير، الأعالي، ينابيعها..

كما أحبّ المناصرة إلى جانب ذلك اللهجة الجزائرية، ليؤثت بها قصيدة جميلة تحمل عنوان : “كيراك”، يقول مقطع منها:
كيراكَ … كيف الحال
– غايةٌ
-وِشرْاكَ … كيف الحال،
– لا باسُ
– قد كان لي كاسٌ،
فانشقَّت الكاسُ
وكان لي ناسٌ
يوماً، وجُلَّاسُ
وكان لي وطنٌ يسمو به الراسُ
كيراكَ … غايةٌ
… وشْراكَ … لا باسُ

قالوا عنه بعد رحيله:

• الروائي واسيني لعرج: “لقد غادرت الجزائر وقسنطينة حزينا بعد أن حاصرك سلطان الجهلة وسدنة الضغينة ، لكنك لم تنس أبدا أن تصحب في رحلتك القاسية حيزية التي صالحتك مع ارض أحببتها بقوة.
•الناقد مخلوف عامر: كان عز الدين المناصرة صديقاً عزيزاً، شاعراً كبيرا وأستاذا قديرا في الأدب المقارن، عرفه المهتمون في سعيدة يوم استضفناه حيث قدم عدة قراءات شعرية متفرِّدة من بينها (حيزية).
كان نموذجاً في التواضع والأخلاق العالية. لقد فقدت الساحة الأدبية برحيله وجهاً مميَّزاً.
• الكاتب والمترجم محمد ساري: رحمه الله. كان صديق عدد كبير من الكتاب والأساتذة الجزائريين.
وترك ذكرى جميلة في الجزائر التي استغل بها لسنوات..
•الناقد والأكاديمي بوشليحة عبد الوهاب: درّسني بجامعة قسنطينة سنة 1982 مقياس الأدب المقارن، وأشرف على مذكرتي للتخرج الليسانس سنة 1984.
كان قيمة وموقفا؛ رحمه الله.

أضف تعليقاً