عبرت الفنانة عتيقة طوبال لمجلة”أحلامي” عن ندمها الشديد لعدم تبني طفلة بعد موت والدتها المتوفية قبل حوالي تسع سنوات، معتبرة ذلك غلطة حياتها رغم أنها حاولت في مرة من المرات بذهابها لإحدى دور الحضانة التي لم تكن تتوفر إلا على الذكور وبعد مرور السنين وجدت نفسها معترضة على ذلك أشد الاعتراض.

في حوارنا معها لمسنا الإنسانة الطيبة العاشقة لفنها والمحبة لوطنها وجمهورها، كانت صريحة وواضحة ودقيقة في إجاباتها هي المثال الحقيقي لكون الإعاقة الحقيقية هي إعاقة الروح وليس الجسد، لكونها تحدت إعاقتها بروحها وفكرها وخلقها الراقي. و فيمايلي تفاصيل حوارنا معها.

حاورتها: أحلام بن علال

المزيد عن عتيقة طوبال

أنا.. وأعوذ بالله من كلمة أنا.. عتيقة طوبال ابنة سوسطارة وحيدة والداي المتوفين رحمهما الله  كلاهما من دلس، أقيم الآن ببئر الخادم،  تربيت في حي شعبي ودرست في حي شعبي في مدرسة إبراهيم فاتح بالقصبة أين درس كل من العنقة، فضيلة دزيرية ، رويشد عمر الزاهي ..أنا إنسانة عادية ككل الأشخاص الآخرين طيبة أحب الناس وأتأثر بمشاكلهم، سريعة القلق، أتنفس التمثيل الذي أعتبره كل حياتي، محبة للحياة بكل طياتها من الموضة إلى أدوات التجميل وكل شيء جميل، أحلم بالسفر، أحب الطبخ كثيرا وأكلتي المفضلة هي المدربل، أحب النوم كثيرا، أحب سماع الغناء الشعبي و الراي الذي كان في الماضي كبوطيبة، و الشاب خالد، ولا أحب سماع أغاني الراي لهذه الأيام حتى أنني لا اعرف مغنيه..مرحة وكوميدية ..وأشياء أخرى الناس تحكمها علي لا استطيع أن أقولها عن نفسي، غير أنني قلتها وأعيدها أتمنى أن أحضى بدور بطولة مطلقة وان أجسد أدوار درامية، لأنني اعتبر أن الفنان الذي يتفوق في تجسيد الأدوار الفكاهية قادر على تأدية الدراما بشكل جيد لأن الكوميديا أصعب بكثير من الدراما. اعمل في التلفزيون منذ حوالي 25 سنة في مصلحة الهاتف و28 سنة تمثيل.

مسيرتها الفنية ..أول مشاركة تمثيلية لها..وصعوبات واجهتها؟

انطلاقتي الأولى كانت عبر الأفلام السينمائية في أول فيلم  لي  الذي كان “الكلوندستان” سنة 1987  وقبل ذلك سنة 1986درست المسرح عند الأساتذة “مصطفى كاتب، الطاهر وطار، والمرحوم علال محب”، ودرس معي كل من “كريمو بيري بارا” “عبد الباسط”، “سلمى” زوجة المرحوم عزيز التي بدأت معي في المسرح وبعدها توجهت إلى الغناء..وآخرون.

فلما رآني المخرج بن عمر بختي مخرج فيلمي “الكلوندستان” و”بوعمامة” في المسرح  اقترح عليا دور في فيلم الكلوندستان لكنني كنت مترددة في البداية لدرايتي برأي أمي في الموضوع فقد كانت رافضة تماما فكرة سلوكي ذلك الدرب الذي كانت تراه صعبا .

لكن و بفضل ابن خالتي عبد الكريم سكار اقتنعت أخيرا وزالت مخاوفها، و الذي أحيه بالمناسبة، كما وأتمنى للمخرج الكبير بن عمر بختي الشفاء العاجل، كذلك شاركت في الطاكسي المخفي ومن خلال هذان الفلمان برزت للجمهور.

وتوالت أعمالي حيث شاركت في عدة “سكاتشات” رفقة المخرج عبد الحميد طيطاش وعدة أفلام سينمائية حوالي 10 أو أكثر وسكاتشات كثيرة مع عدة مخرجين كعمار تخيبش،  محمد لبصير .. وغيرهم، و قدّمت  مسرحيات، “مونولوجات” للفكاهة والضحك. وكانت لدي مشاركة في “كاميرا أنتربول” الخفية مع المخرج إبراهيم عامر، كما شاركت في مُسلسل “الوجه الآخر” لجميلة عراس، إلى جانب مشاركة صغيرة في حلقتين من سلسلة “اللهم إني صائم”، التي أشرف على إنتاجها الممثل لخضر بوخرص، ودور “الشوّافة” الذي في صبغة كوميدية في سلسلة “أخام ندمزيان 3” للمخرج والمنتج محفوظ عكاشة، وصولا إلى سلسلة “باب النية” من إنتاج التلفزيون الجزائري”،وأفلام سينمائية أخرى كفيلم توشية سنة 1988 للمخرج رشيد بلحاج المقيم في إيطاليا، الذي اخذ الجائزة الأولى شاركت في بطولته مع دليلة حليلو، لكن لحد الآن لم أشارك بدور البطولة المطلقة في أي فيلم وأتمنى ذلك، كما شاركت في مسلسل فلة والبريء أنا وبيونة….

كما وشاركت في مهرجانين في تونس وفي مهرجانات عبر 48 ولاية في التراب الجزائري، مع بيونة.

مثلت مع كبار الفنانين  كوردية وفوزي صايشي الذي تعاملت معه كثيرا على خشبة المسرح، وبعد موت وردية رحمها الله، أصبحت امثل أدوار كوميدية خاصة مع بيونة، قويدر، ماما مسعودة، وبعدها جاء حميد عاشوري، كنت من بين الأوائل في الكوميديا الجزائرية.

 وضعية الثقافة في الجزائر برأيها

للأسف الثقافة نراها فقط في الحفلات التي تقام في فصل الصيف، أو في شهر رمضان.

بعد وفاة والدتك رحمها الله مع من بقيت عتيقة؟ “مع العلم أن والدها وتوفي وليس لها إخوة وأخوات”

صدمت كثيرا بعد وفاة والدتي لدرجة أنني مرضت مرضا شديدا بعد أربعة أشهر من وفاتها، لكن والحمد لله وجدت نفسي محاطة بعائلتي الثانية وهي الأسرة الفنية، كل الفنانين والفنانات وحتى عائلتي محيطين بي ورئيس الجمهورية السابق الذي بفضل الله وبفضله شفيت وقف بجانبي شفاه الله وعافاه، ووقف معي رجال من الحكومة كذلك، كان الله والجميع معي وهذا كان دعم كبير لي، صحيح انه ليس لدي إخوة من أبي وأمي لكن الوسط الفني جمعني بإخوة وأهل وأغلى أحباب.

عتيقة والغيرة..؟

المشاكل موجودة في كل مكان الأمعاء في البطن الواحدة لا تتفق في بعض الأحيان كذلك الإخوة في المنزل، لكن ومن تجربتي الخاصة هناك تلاحم وحب كبير بين الفنانين في وقت الفرح والقرح فلما توفيت والدتي رحمها الله وجدتهم جميعا بجانبي من ممثلين وإعلاميين وكأن رئيس الجمهورية قد مات، ولما مرضت كذلك وهذا هو الأهم بالنسبة لي.

ماتت أمي لكنني لم أبقى يوما وحيدة فأنا محاطة بأصدقائي وزملائي وحتى في الأيام العادية فهم يسألون عني ويتواصلون معي يوميا تقريبا كصديقي مراد زيوني، وصديقتي راضية بن شيخ وأنا فخورة جدا بسؤالهم وخوفهم علي.

شروط قبولك لدور ما؟

هناك ادوار تقترح علي لا أستطيع قبولها كالسنوات السوداء التي مرت اقترحت علي أدوار لم أقبلها، إذا كان هناك دور يتجاوز المعقول كالأدوار التي تسيء للقيم الأخلاقية لمجتمعنا لا أستطيع قبولها، فهناك أفلام عديدة مؤخرا لا تستطيع العائلة كعائلة جزائرية محافظة أن تشاهدها معا وانا أفضل عدم المشاركة فيها على أن يراني الجمهور في وضعيات محرجة ويدير رأسه، فأنا أفضل عندما يراني الجمهور يفرح، والجدير بالذكر أن كل الأفلام التي كانت تعرض في الزمن الجميل كانت أفلام في القمة وكل العائلات تشاهدها إلى يومنا هذا بدون أي إحراج لأنني أحترم وطني المسلم وجمهوري الوفي.

هل أثرت صحتك على مسيرتك الفنية

 نعم أثرت كثيرا والمشكل أن بعض المخرجين، لما يسمعون بأن أحد الفنانين مريض لا يتصلون به للتمثيل، وهنا أشير إلى أن الفنان الحقيقي مستعد للعطاء إلى آخر يوم في حياته ولو كان مريضا أو حتى على فراش الموت لأننا نحن الفنانين نتنفس الفن ونعشقه، ونحن قادرين على العطاء إلى آخر دقيقة، كالممثل الكبير حسان الحساني الذي بقي يصور أحد افلامه إلى آخر لحظة وهو على فراش الموت، فالفن هو نفس وأكسيجين الفنان، وأنا رغم أنني مررت بأزمة صحية إلا أنني لا زلت قادرة و مستعدة للعطاء.

ففي 2003 مثلا لم يتصل بي أي مخرج للتمثيل والتحضير لشهر رمضان المعظم مرضت كثيرا إلى درجة أنني فقدت أعصابي، ففرحتي الكبرى تكون عندما يتصل بي أحد المخرجين للتحضير لفيلم ما، وحزني يكون لما أحس بنفسي مهمشة.

كما ولاحظنا في الفترة الأخيرة أنهم يأتون بممثل قديم كبير ويعطون البطولة للجدد، أنا لست ضد المواهب الشابة، لككنا في زمان مضى كانت البطولة دائما على حسب الخبرة والأقدمية فالأصغر سنا يتعلم من الأكبر وليس العكس.

ما هو أحب دور إلى قلبك؟

كل الأدوار التي قمت بها أديتها من كل أعماق قلبي فأنا أحبها كلها .

دور تتمنين تجسيده؟

أتمنى أن أجسد أدوار عديدة، كأم مثلا أم مجاهدة ولن أقطع الأمل ما دمت على قيد الحياة.

هل ترين أن المجتمع الجزائري حريص على أخياراته في مشاهداته التلفزيونية؟

عندنا مجتمع ذواق ومتتبع لكل ما هو جميل وعندما أمر عبر قناة ما وأرى ردود أفعال جمهوري أكون فخورة جدا بنفسي وبه كذلك لأنه جمهور ذواق، خاصة في رمضان عندما تلتم العائلة على شاشة التلفزيون للتبع كل البرامج الجميلة.

وحب الجمهور هو من يزيد في قيمة الفنان فهو أكبر دعم يتلقاه الفنان فعندما أكون في الطريق أرى الجمهور كيف يتعامل معي بكل تقدير أفرح كثيرا فكما يقول مثل زمان” الذي يحبه الله يحبه الناس”.

لو عاد بك الزمان إلى الوراء هل تراجعين خطواتك؟

لم أندم أبدا على مسيرتي الفنية ومشواري بالعكس، وفي آخر لحظات حياتي لا استطيع التوقف عن التمثيل وأنا قادرة على العطاء إلى آخر رمق .

هل برأيك أن الفنان الجزائري بوسعه أن يصل إلى العالمية؟

لا أظن انه بوسعنا الوصول إلى العالمية، فلم نسمع بفنان جزائري غير الشاب خالد والشاب مامي وصل إلى العالمية ، وفي الرياضة زيدان ربما هو الحظ.

ما رأيك بتسويق الأفلام الجزائية إلى الخارج؟

نحن نشتري أفلامهم وهم لا يشترون أفلامنا بل لا يعرفوننا مطلقا، ففي إحدى المرات كنت معزومة للكرة الذهبية مع الممثلان عاشوري وبوعكاز بالإضافة إلى إعلاميين وشخصيا مرموقة، كان اللاعب المصري شحاتة حاضرا كلنا نعرفه لكنه لا يعرف أحد منا حتى عرفه وزير الشبيبة والرياضة بنا، هذا أمر مؤسف جدا لماذا نحن نعرف ليلى علوي وفلان و وفلانة، في تونس يعرفنا الناس، أنا وبيونة.. لكن في بلدان أخرى لا احد يعرف الفنان الجزائري.

لقد قلت دائما أننا نحن الفنانين أصبحنا كالبوراك والشربة نظهر فقط في رمضان، نريد أعمال متواصلة، بإمكانيات قليلة كنا نرى أفلام جميلة والآن مع كل الإمكانيات المتواجدة لا نعمل إلا مرة في العام.

يقال آن الفنانين الكبار يطلبون نقود كثيرة للظهور في الأفلام ؟

هذا غير صحيح هذه أشاعه لأن الفنان لا يطلب غير حقه، فمثلا الفنان الكبير عملاق الشاشة عثمان عريوات مهما يطلب فهو قليل عليه لأنه فنان كبير والجمهور يحبه ويطلبه.

بالحديث عن عثمان عريوات وكونك من المقربين إليه لماذا انسحب ولم نعد نراه أبدا ؟

فعلا أنا من أقرب الناس إليه فنحن على اتصال دائم ببعضنا، حقيقة أنهم أعطوه فرصة لكنه رفض نهائيا، هو فنان كبير وبارع أدى الدراما وبعدها الكوميديا ولا احد يستطيع أخذ مكانه أو تقمص أدواره، كدوره في فيلم”كارنافال في دشرة” مثلا وغيرها، كل أفلامه كانت تحفة، ولأنه رأى أنه ظلم ولم يأخذ حقه في فيلمي الكلونديستان وبوعمامة إنسحب.

طموحات المرأة كثيرة هل برأيك أنه بالجزائر وصلت المرأة إلى ما كانت تطمح إليه؟

المرأة تطورت جدا مقارنة بالماضي وبالثقافة العالية والأخلاق ستتطور أكثر لأنه كما يقال “الخير امرأة والشر امرأة” و”وراء وكل رجل عظيم امرأة”، فالمرأة هي نصف المجتمع، مقارنة بالماضي لا تجد إمرة لا تعمل وأصبح الرجل عندما يتقدم للخطبة فأول شروطه ان تكون عاملة.

ما هي نصيحتك للممثلين الذين سيحملون مشعل الفن بالغد؟

شباب اليوم عندهم إمكانيات كثيرة للوصول بالفن إلى أعلى مراتبه عكسنا نحن أين كنا نصور بكاميرا واحدة كل المشاهد كفيلم الكلونديستان في الثمانينات وكان ذلك متعب جدا، لكن الطريق أمام شبابنا اليوم مزدهر مع كل التطور التكنولوجي الذي تعرفه بلادنا.

كلمة حب؟

ذهبت ولن تعود مع أمي الغالية منذ أربع سنوات، صحيح أنني أحب أصدقائي كثيرا لكن الحب الحقيقي أخذته معها عزيزتي الغالية وحبيبتي أمي رحمها الله.

كلمة أخيرة

أريد أن أفصح عن شيء أعتبره غلطة حياتي، وهو أنني ندمت ندما شديدا لأنني لم أتبنى طفلة لأجدها بجانبي وتساندني في الأيام الصعبة، رغم أنني فكرت في التبني مباشرة بعد وفاة أمي وذهبت لإحدى دور الحضانة ولم تكن هناك بنات، وجدت الأولاد فقط وطلبوا مني الانتظار لمدة 3 سنوات لكنها كانت مدة طويلة جدا بالنسبة لي، هذا الأمر أحبطني كثيرا وحطم معنوياتي، لكنها تبقى مشيئة الله وقدره، وفي الأخير اشكر مجلة أحلامي على هذه الإلتفاة الطيبة.

 

أضف تعليقاً