الديول والمطلوع على رأس القائمة
“بيع المطلوع، الديول، وأنواع الحشائش” هي معاناة نلمسها لأطفال يعملون في سن مبكرة في شهر رمضان، خاصة وأن هؤلاء احترقت أجسادهم الضعيفة بحرارة الشمس، التي لا نقاومها نحن الكبار فما بالنا بالصغار، وتبقى طبيعة الظروف الاجتماعية القاسية هي التي تدفع الأطفال إلى عالم الشغل، فهي في معظمها تجارة بسيطة تعود ببعض الدنانير على الطفل.
أحلام بن علال
هناك أطفال تجبرهم الظروف للبحث عن عمل خلال هذا الشهر رغم صغر سنهم وبأجر زهيد جدا، بالكاد يكفي لسد احتياجاتهم الأساسية من الطعام، ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة، قادتنا جولة استطلاعية في بعض الأسواق كونها شكلت منعرجا خطيرا في حياة الأطفال التي دفعتهم الظروف القاسية للخروج للعمل وإتباع سياسة البحث عن المال، تراهم يصطفون وهم بحجم الأقزام بمداخل الأسواق وأمامهم طاولات يبيعون مختلف الحشائش، الديول وحتى المطلوع، ولما تنظر إليهم وهم يحومون عبر الأسواق تتحسر عليهم، منظرهم هو الذي يعكس مستواهم الاجتماعي، مادام براعمنا الصغار يتنقلون عبر الأسواق في تلك الحرارة العالية وبملامح بائسة هنالك تقول أن الجزائر ليست بخير.
يبيعون الديول والمطلوع لمساعدة الأهل
ما أثار انتباهنا خلال خرجتنا الاستطلاعية هو كثرة الأطفال الذين يبيعون المطلوع، الديول وحتى الحشائش، كثيرون واقفون على الأرصفة وعلى قارعة الطريق أمام صناديق تحمل منتوج أمهاتهم، من عجائن متنوعة وهم يصرخون بأعالي أصواتهم مثلما يفعله الكبار لترويج سلعهم، لكي يحظون بعدة دنانير تسعدهم وتدخل الفرحة على قلوبهم وقلوب أوليائهم، أمين صاحب الـ10 سنوات، واحد من هؤلاء الأبرياء، الذي قال في هذا السياق “دائما تحضر لي أمي الديول في رمضان كي أبيعها في الأسواق، دخلت في هذا العالم كي أساعد والدتي في مصاريف البيت خاصة وأن والدي متوفين أيضا لشراء أدواتي المدرسية ومستلزماتي الخاصة”، وليد هو الآخر كان يبيع المطلوع، أخبرنا أنه دخل عالم التجارة من أجل دعم والديه لكسب بعض المال ومساعدة والده الذي أثقلت مصاريف الأسرة كاهله، وهذا لشراء الأدوات المدرسية، أمين البالغ من العمر 13 دأب على بيع الديول والمطلوع منذ حوالي سنتين، بغية مساعدة والدهما في المصاريف المنزلية.
أطفال يوفرون ملابس العيد
في رمضان يستغل معظم الأطفال مناسبة حلول شهر رمضان الكريم لممارسة نشاط تجاري موسمي بالاشتراك مع بعضهم البعض أو كل واحد حسب مشروعه، حيث تتغير صور كل الأحياء الشعبية وتصبح تعج بالطاولات لعرض مختلف المواد والمستلزمات الرمضانية، فترى هذا يبيع مواد غذائية والآخر أنواع العصائر، وفئة أخرى تعرض الديول والخبز التقليدي، وآخرون يتفننون في عرض حلويات قلب اللوز والزلابية، وفئة تعرض الحليب ومشتقاته، وكثيرون منهم أرجعوا ذلك إلى ربح دنانير لربما يقتنون شيئا جديدا للعيد.
فيما اختار آخرون تخصيص طاولات بيع الحشيش والمعدنوس
نظرا لتهافت الناس على هذه الأنواع من النبتات لتحضير مختلف الأطباق، وفي هذا السياق يقول بشير وهو تلميذ في التعليم المتوسط “اعتدت القيام بهذه التجارة الخاصة فقط بشهر رمضان، أين أكون في عطلة دراسية صيفية، لذا أستغلها لبيع صينيات قلب اللوز والشاربات، حيث يشاركني في مشروعي أخي، لنقوم قبل أيام قليلة بطلبنا لصنع صينيات قلب اللوز من إحدى جارتنا بالحي التي من جهتها تقوم بالإعداد لصنع هذه الصينيات ثم نحضر مكاننا المعتاد لكل سنة لوضع طاولتنا في الحي، وبهذا نكون قد وفرنا مصاريف ملابس العيد والدخول المدرسي بشراء مستلزماته.
وعي الوالدي ضروري للوقاية من العمالة
إن الوعي الكافي بمخاطر عمل الأطفال سيمنعهم بالتأكيد من تعطيل دراسة الأطفال وإرسالهم للعمل، ويقصد بهذا الوعي وعي الوالدين؛ فعدم فهمهما لهذا الأمر سيؤدي إلى استغلال أصحاب العمل للأطفال، وكذلك تجار البشر فيسهل عليهم استغلال الأطفال، فيتم الاتجار بهم تحت مُسمى عمالة الأطفال، لكن عند خلق مجتمعات واعية سيتم استيعاب مشاكل الأطفال فيها والاستجابة لها بفاعلية أكبر، ويتم هذا الوعي عبر إنشاء أحداث مجتمعية تهدف لتثقيف المجتمعات بأهمية حقوق الطفل، سواء أكانت المؤسسات الراعية حكومية أم غير حكومية.