كلمة “بايرة” هاجس الجزائريات

العنوسة في الجزائر.. أرقام كبيرة ومستقبل مخيف

 العنوسة هي مصطلح يطلق على الفتيات والشباب البالغين الذين لم يتزوجوا، وهي تعبير عامي يستخدم لوصف من تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد، وقد يعتقد البعض بأن هذا المصطلح يطلق على النساء دون الرجال، وهذا غير صحيح، حيث إنه خاص بكلا الجنسين، ونتجت هذه الظاهرة نتيجة تراكمات لعدة أسباب شهدتها الأسر الجزائرية.

 أحلام بن علال

 باتت العنوسة تشكل هاجسا لأكثر من 11 مليون فتاة فوق الخامسة و العشرين سنة في مجتمعنا من بينهن 5 ملايين تجاوزن سن الخامسة و الثلاثين و بمعدل زيادة يقدر ب 200ألف عانس سنويا، و ذلك من مجموع عدد السكان الذي يقدر بنحو 40 مليون نسمة حسب إحصائيات سجلها الديوان الوطني للإحصاء في تقرير خاص له قبل ثلاث سنوات.

 فتيات بين خائفات من لقب “البايرة” وأخريات يبحثن عن الحرية

 حالات كثيرة صادفناها في هذا التحقيق ولكل حكايتها، تقول الآنسة ”خليدة”، أستاذة العلوم بالثانوية، إن كلمة العنوسة لا تسبب لي إشكالا، لأنني أنظر لهذا الأمر من منظار القضاء والقدر وطالما أنني استطعت أن أكون ناجحة في ذاتي وأسرتي ومجال عملي، فلا أعتقد أني بحاجة للزواج، فليس شرطا أن يقترن النجاح بالزواج بل قد يكون عائقا أمام تحقيق العديد من الطموحات، أما “سهيلة” فهي عاملة في وزارة الشباب و الرياضة، هي الأخرى لا تخشى العنوسة وتقول إن لها مواصفات محددة في زوج المستقبل، ومنها أن يكون على خلق ودين، وأن يكون بينهما توافق وتكافؤ اجتماعي، واحترامه للمرأة حق الاحترام، وأشارت إلى أن التأخر عن الزواج قد يكون برغبة الفتاة، أو لظرف خارج عن إرادتها، وقد يدفع وصف ”عانس” بالفتاة إلى القبول مرغمة بمن لا يمثل أحلامها من أجل أن تخرس الألسن فقط لتدخل قائمة المتزوجات ولوعلى حساب نفسها، في حين أكدت ”نعيمة” تعمل حلاقة بصالونها الخاص، أنها تفضل تقع دائما تحت ظل العانس و تتمتع براتبها فأغلب الرجال الآن يبحثون عن المرأة العاملة ليس لأنها متعلمة، بل طمعا في الحصول على راتبها، فهذا لا يحقق لها المسار النفسي الصحيح الذي يقوم عليه الزواج، و تحكي “سميرة” فتاة جامعية عمري الآن ثلاثون عاما، ولم يتقدم لي الشخص المناسب حتى الآن، شبابنا أنانيون يريدون الزوجة الصغيرة التي لا تعي شيئا حتى ولو كانت جاهلة، لست أدري ا لمادا المرأة المتعلمة صاحبة الشخصية القوية يخشاها الرجل الجزائري حتى أنني أشك في نفسي وأقول إنه بي مس من السحر، أما “ليندة” فإن أحلامها كبيرة في زوج المستقبل، وهذا ما جعلها ترفض كل من يتقدم لها، لأنها لا ترى فيهم الشخص المثالي الذي رسمته في خيالها، ولذلك فضلت أن تبقى من غير زواج طول هذه الفترة، تقول ”لم أشعر بالندم إلا بعد أن تقدم بي العمر، وأصبحت على مشارف 39 سنة، لا أريد الزواج من أي شخص، وأنا أكره كل الرجال لأنهم ينظرون إلي على أساس أنني أصبحت –بايرة

 العولمة و الانفتاح على ثقافات أخرى

  وأمام استفحال ظاهرة الغلاء في مهور الزواج، وانتشار البطالة وأزمة السكن، وتغير ذهنية الشباب نتيجة لعوامل نفسية وثقافية مرتبطة بالعولمة ووسائل الاتصال الحديثة، والانفتاح على الثقافات الأخرى يشكّل نقطة سلبية سوداوية فمع تبدل اهتمامات المرأة نفسها بالتعليم و العمل و رغبتها بالاستقلال المادي و المعنوي ما جعلها تبحث عن فارس الأحلام الذي يتوافق مع مستواها و طموحاتها المختلفة، فتصطدم مع مرور الوقت بشبح العنوسة.

 شباب يعزفون عن الزواج لأسباب مختلفة

 و حال الشاب ”منير” وعمره خمسة وثلاثون سنة ”إنني أرغب في الزواج، ولكن الزواج الناجح له مرتكزات أساسية، فكيف أكون أسرة وليس لي دخل يفي باحتياجاتها الأساسية؟ فقبل أن أفكر في الزواج لابد أن أبحث عن مصدر رزق، حيث إنني حاصل على شهادة جامعية، ورغم محاولاتي العديدة للبحث عن وظيفة، إلا أنها باءت بالفشل”، ويؤكد الشاب ”عبد المالك ” أن الزواج حلمه الوحيد، ولكن مرتبه لا يفي بتكاليف الزواج، حيث إن مرتبه ضعيف، وهو العائل الوحيد لأسرته المكونة من والده ووالدته وسبعة إخوة، منهم من مازال على مقاعد الدراسة، أما الشاب “جمال” الذي يبلغ من العمر 34 عاما، فكان له رأي آخر، حيث قال ”أنا لا أفكر بالزواج حالياً رغم وظيفتي المرموقة، فما زلت أتمتع بحياتي الخاصة دون قيود، فالزواج يقيد الحرية، وأنا لا أجد نفسي سائقاً لأسرة أو حتى مربياً للأطفال، وأنا أفضل الزواج بعد سن الأربعين.

 “الأوضاع الاقتصادية من بين أسباب ارتفاع العنوسة

و حسب الباحثة ” أمال عيسى” من جامعة البليدة فإن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي عاشتها الجزائر خلال العشرية السوداء مند أواخر 1991 إلى بدايات 2001 تأتي في قائمة أسباب ارتفاع ظاهرة العنوسة، و أكدت في بحثها المعنون- ظاهرة العنوسة في الجزائر- أن الظروف الاقتصادية الصعبة للشباب أدت إلى تأخير سن الزواج لبعضهم و هجرة البعض الآخر مما انعكس سلبا على تأخر زواج الفتيات.

 أئمة يؤكدون أن المجتمع الجزائري في خطر

 من جهته يؤكد رئيس النقابة الوطنية للأئمة الجزائري “جلول حجيمي” أنّ نسبة العوانس في الجزائر ترتفع بشكل مفزع و أن تفاقم أرقام العوانس في البلاد يرجع إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي المزري الذي يعيشه الجزائريون، كانتشار نسب البطالة في أوساط الشباب، وغلاء المهور بسبب الشروط القاسية التي تفرضها العائلات لتزويج بناتها وغيرها من العوائق ويلفت المتحدّث إلى أنّ عقلية الشباب الجزائري (الذكور) اليوم تغيرت، حيث أصبحوا يحلمون بالعيش في الضفة الأخرى من المتوسّط والزواج من الأوروبيات أو المهاجرات، بدليل موجات الهجرة غير الشرعية التي تزداد دائمًا، ويدعو المتحدّث، إلى إيجاد مخرج لهذه الظاهرة الخطيرة بتشجيع الجنسين على الزواج في سن مبكرة وتخفيف أعباء تكاليف الزواج، وتقليص قيمة المهور، وكذلك تشجيع تعدّد الزوجات بغية كبح خطر العنوسة، لكن يعتقد حجيمي أنّ تطبيق هذه الحلول على أرض الواقع يبدو صعبًا، ممّا يؤدي إلى تفكك الأسرة ونسيج المجتمع الجزائري.

 و يرجع “عز الدين حديدي” و هو إمام مسجد في الجزائر العاصمة إلى أن السبب الحقيقي لظاهرة العنوسة هو العادات و التقاليد التي أصبحت حاجزا منيعا أمام إقدام الشباب على الزواج، و أمام استفحال ظاهرة الغلاء في المهور بادرت بعض الجمعيات الدينية إلى تحديد مهور الزواج و مثال دلك ما أقدم علية أئمة مدينة بريكة شرق العاصمة الدين أطلقوا مبادرة للقضاء على العنوسة بتحديد المهر ب 60ألف دينار جزائري.

 

أضف تعليقاً