أمال حيمر ممثلة جزائرية محترفة، من مواليد 20 جويلية 1965 بالجزائر العاصمة، تحصلت على شهادة الباكالوريا، وتخصّصت في علم المكتبات والتوثيق، لكنها لم تكمل دراستها، واتجهت إلى معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان؛ وبعد دراسة لمدة 3 سنوات تخرجت منه عام 1993، حيث أثرت مسارها الذي يقدّر بأكثر من 29 سنة من العطاء الفني، بالعديد من المسلسلات والأفلام والمسرحيات، التي عرفها الجمهور من خلالها.

حاورتها: أحلام بن علال

إن أسوأ الأسئلة التي تحرج العازبات، هو لماذا لم تتزوجي إلى حد الآن؟ هل يزعجك الحديث في هذا الموضوع؟

أبدا فقد سلمت أمري إلى الله، وآمنت بقضائه وقدره.. اللهم لا اعتراض، فمسألة الزواج فعلاً من أقدار الله التي سبق بها القلم، قبل خلق السماوات والأرض. صحيح أننا نسعى ونجد ونبحث ونختار بإرادتنا، وهذه الإرادة إن وافقت ما قدّره الله، تمّ العقد وبدأت رحلة الحياة الزوجية، وإلاّ ذهب كل واحد إلى حال سبيله؛ لأن هذا الزوج أو الزوجة، ليست من رزقه الذي قدره الله، لكن ليس لدي أي مانع من أن يخفق قلبي، بشرط أن أجد الحب لدى إنسان يحترمني، ويعرف معنى الارتباط.

هل لديك مواصفات معيّنة لفارس أحلامك؟

لا أملك مواصفات معينة “القلب وما يهوى”. المهم أن يحترمني ويقدّرني ويخاف عليّ وأحسّ معه بالأمان، أنا لا أحبّ الحديث كثيرًا عن حياتي الخاصة، كما أنني لو كان هناك  شيء رسمي، أعلنه مباشرة، فليس لديّ ما أخفيه، ولا أحتاج عيونًا ترصد تحركاتي في الباطن؛ لأنها لن تجد غير ما أعلنه في الظاهر.

هل تعرّضت للتحرش في الوسط الفني؟

في المجال الفني يوجد تحرّش، فهو موضوع عام موجود في جميع الميادين، وجميع المجتمعات؛ يتعلق الأمر بتربية الفرد ونفسيته، ففي كل مكان نجد الصالح والطالح.

ما هي الأدوار التي تطمحين لتأديتها؟

لدي خبرتي التي تساعدني على اختيار أي دور، وأدائه بشكل يضمن نجاحه؛ فمع مرور الزمن بدأت أنظر إلى الأدوار نظرة مختلفة، وما يحدّد توجهي حاليًا الدور المختلف ومدى مناسبته لي، فالمسألة لم تعد بحجم الدور، فلن أتردد في قبول الأدوار المناسبة لي طبعا.

هل واجهتك صعوبات أو اعتراض من العائلة، على مشوارك الفني؟

أنا لست من عائلة فنية، وعائلتي ليس لها أيّ علاقة بالفن، سؤالك يجرّني للحديث عما شاهدته مؤخرا، في إحدى الحصص التلفزيونية؛ الفنانة نبيلة عبيد تقول لو لم يمت والدي لما دخلت عالم التمثيل، وهذا ينطبق عليّ كذلك، وأقول لو لم يتطلق والدي لما دخلت عالم الفن؛ لأن والدي كان دائما حريصا على دراستنا، وأن نتقلد أفضل المناصب، هذا قدر على كل حال؛ لكن الأم دائما تكون متساهلة، كنت أتمنى أن أكون أستاذة، أو مفتشة في الشرطة، لكن نحن نريد والله يفعل ما يريد، كانت تلك مشيئته وقدره.

هل أثّر طلاق والديك على حياتك؟

انفصل والدي وأنا أبلغ من العمر عشر سنوات، وأنا أكبر إخوتي، والمواقف التي نتعرض لها في طفولتنا، والتي يظنّ الجميع أننا لا نعيها، ولا نتأثر بها، تترك بصمات واضحة على شخصيتنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين؛ حتى أنه وفي وقت مضى، تولّد لدي اعتقاد أن رفضي للارتباط في الماضي، كان خوفا من الانفصال مثلما حدث مع أمي وأبي، رغم أن كلاهما لم يتزوّج بعد طلاقه.

تأثرت نفسيا بسبب الظروف العائلية، ومررت بفترة كرهت فيها كل شيء : الدراسة، العمل وكل شيء.. وبدأت أبحث عن نفسي وسط ظروفي الصعبة، فدخلت عالم الفن؛ الأمر الذي ساعدني على تخطي الكثير من الأزمات، فقد كان بمثابة علاج لي، لهذا أنصح الآباء والأمهات أن يدمجوا أولادهم في عدة هوايات: كالرياضة والمسرح وغيرها من النشاطات، التي تساعد الأطفال على تخطي الكثير من الأزمات النفسية، التي قد تواجههم في المستقبل.

تقمصت بعض الأدوار كالزوجة الثانية وعشت ذلك في الخيال؟ هل تتقبلين أن تكوني في الواقع الزوجة الثانية؟

جسّدت دور الزوجة الثانية في فيلم “قضية شرف” للمرحوم عبد الرزاق هلال، الذي يحكي عن معاناة المرأة الثانية، مع الفنانة دليلة حليلو، التي لعبت دور الزوجة الأولى، وأنا الثانية التي تزوج بها الممثل أحمد بن عيسى بالسر؛ وبعد 15 سنة ينكشف أمر زواجنا، وفي مسلسل “المكتوب” للمخرجة باية الهاشمي، الموضوع أن الزوجة الأولى لا تنجب سوى البنات، وتقوم والدته “صابونجي” بتزويجه بي، لكي أنجب له الولد ، كنت شريرة في هذا الدور.

لا نعلم ما يخفيه القدر لنا في الحياة، لكن أن يعيد الرجل الزواج إن كان قادرا وبرضا المرأة الأولى، يعني بشروط فلما لا، فأنا لا أقبل بناء سعادتي على حساب الآخرين، بل سعادتي مع الآخرين؛ لكنني أفضل أن أحظى برجل يكون لي بمفردي، أما عن تعدد الزوجات كقضية، ليس من حقي الاعتراض على أمر الله الذي جاء في كتابه. للأسف وصلنا إلى وقت كثرت فيه العنوسة، وبرأيي أنه من يملك الإمكانيات ويستطيع أن يعدل، أفضل له أن يتزوج زواجا حلالا على أن يتزوج زواج المتعة، الذي يذهب ضحيته المرأة والأطفال؛ ومنطقيا في الجزائر هناك الكثير من رجال الأعمال وميسوري الحال، الذين بإمكانهم الزواج بزوجة ثانية، وأعتقد أن هذا  أفضل من ممارسة الزنا أو الزواج بالفاتحة.

ما هو تقييمك للوضع السياسي الذي نعيشه حاليا ؟

أنا مع التغيير، لكن ضد أن نغيّر الأمور على حساب الديموقراطية، أي بالإجبار أو الإكراه، فكل منا يقدّم رسالته عبر موقعه وعمله، فعندما ذهبت إلى بجاية مؤخرا لإحياء المهرجان النسوي الجامعي، أين كنت عضوا في لجنة التحكيم، اشتغلت من خلال موقعي وقدمت رسالتي، وعندما مررت في حصة تلفزيونية وتحدثت عن أجورنا المتدنية، قدمت رسالتي، لما ذهبت إلى سطيف كذلك؛ فعلينا أن نحترم الرأي الآخر من خلال مسار ديموقراطي، ذلك أن الفن رسالة مستقلة، ولكن لن تبعد السياسة عن الفن كثيرا، و قبول ثقافة الآخر المختلف لا يعني بالضرورة الاقتناع بها، إنما هو إقرار بوجود الاختلاف معها وبوجود هذه الثقافة وقبولها من قبل الآخر، بشرط أن لا تكون تلك الثقافة مبنيّة على حساب حقوق الآخر أو وجوده، كما يجب النظر إلى الآخر المختلف، من دون تمييز؛ وطالما أن الاختلاف لا يكون على حساب وجود الآخر أو حياته، فالآخر هو فرد مواطن، له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، فيجب احترام هذا الاختلاف والعمل على تعزيز قبول ثقافة الآخر المختلف، مهما بلغت درجة الاختلاف، وتفعيلها بشكل طبيعي بما تنسجم مع واقعنا ومتطلباته.
والديمقراطية لها اتجاه أخذ وعطاء، وتفاعل ايجابي مع قيّم إنسانية جديدة، بعيدة عن روح التعصب والكراهية وشطب الآخر المختلف؛ حيث أنه من شأن غياب الديمقراطية، أن تنعدم إمكانية تكافؤ الفرص في التعبير عن الرأي.

هل قلة فرص عملك برأيك يعود إلى ارتدائك للحجاب؟

ارتدائي الحجاب، من بين أهم القرارات الصائبة في حياتي، والتي لن أندم عليها مطلقا، فطموحاتي المهنية لا زالت كما كانت، رغم نقص العروض بعد وضعي للحجاب طبعا. لكنه تحدّ، وهناك من يقول أن زمن الكبار قد ولى، ويجب ترك الفرصة للشباب؛ وأنا أقول من لا يحترم كبيره، لن يجد من يحترمه. فهناك الكثيرين ممن يقولون لقد شبعنا من وجوههم، وكبروا وهرموا، ونحن بحاجة إلى تغيير؛ أنا مع التغيير، وإقحام وجوه جديدة، لكن بدون الكبار، لا مرجع. هذا هاجس مهم في تواصل وانتقال المعرفة.

ما هو تقييمك للوجوه الفنية الجديدة ؟

فعلا، هناك مواهب رائعة في الجزائر، وهي كثيرة لا يتسع الوقت لذكرها، ويوجد من يدّعي النجومية وهم لا يمتون للفن بصلة؛ لكن عندنا طاقات ومواهب فنية رائعة، شكلا وعطاء؛ اشتغلت معهم في أعمال كثيرة، أين مثلت دور الأم، وأتمنى أن لا يصابوا بالغرور، لكي لا يضيّعوا طريق النجومية، فمهما كانت موهبتهم كبيرة، يجب أن تكون أخلاقهم أكبر، ويجب أن لا يصابوا بالغرور، ويحترموا كبار الفنانين؛ فهم مدرسة يجب التعلم منها، كما فعلنا نحن في وقتنا؛ فبهم ننجح وبهم نفشل، وكما يقال “الجديد أحبه والقديم لا تفرط فيه”.

أحلامي وتطلعاتي

الأحلام لا تنتهي، وأنا بالنسبة لي، يوجد أمران، لا أستطيع العيش بدونهما في الحياة الدنيا، ألا وهما : الأمل والحلم؛ أما أحلامي فهي : فرص أكثر، وحظ أوفر، وجزائر أفضل؛ وبالمنابة، أبارك صدور هذه المجلة، هذا المولود الجديد، لأننا بحاجة إلى مجلات ثقافية في الجزائر، وكل التوفيق والنجاح لك.

أضف تعليقاً