ناضلت السيدة وهيبة تامر رئيسة جمعية الطفل البريء منذ إنشاء جمعيتها في الثامن من أوت 2012 بدار الشباب ببلدية القبة وحتى قبل ذلك من أجل التكفل بانشغالات الطفولة مجهولة النسب في وضع صعب والتحسيس والتوعية ضد التخلي ومحاربة تشرد الأطفال وحتى بتقديم المساعدة النفسية والقانونية لهم، فبالرغم من كونها لم تحضى بفرصة تسمية جمعيتها بجمعية أبناء الجزائر كما كانت تحلم دائما لروحها الوطنية الذي أثر فيها كثيرا إلا أنها لا زالت تسعى جاهدة لتحقيق أحلامها من خلال جمعية الطفل البريء، استضافتنا وفيما يلي تفاصيل حوارنا معها.

حاورتها : أحلام بن علال

كأول امرأة مجهولة النسب أسست جمعية تدافع عن حقوق الطفل، بداية حدثينا عنك؟ وعن جمعيتك ؟

أولا أشكر مجلة أحلامي على هذه الاستضافة، أما بعد أنا وهيبة تامر المدعوة نظيرة مولودة في العاشر من جويلية 1967 بالبليدة ابنة مجهولة النسب، أمي المتكفلة بي رحمها الله فتيحة التي أترحم عليها في كل مرة منحتني أحسن تربية وأفتخر بها كثيرا، كانت عاقر فربتني مع مجموعة من الإخوة والأخوات لما سألتها لماذا سميتني نظيرة كانت تقول لي أن إحدى المنشطات في الإذاعة أحبها اسمها نظيرة بعدها اكتشفت أنها زوجة الطاهر فضالة وهي والدة باديس فضالة.

كطفلة بعيدا عن والديك وأمك الحقيقية هل عشت أو تعيشين حياة سعيدة؟

أنا أسعد امرأة في العالم وأحمد الله على ذلك لأنه وفري لي عدة أمهات أمي فتيحة التي ربتني رحمها الله وأمي المتكفلة بي بعدها غنية رحمها الله وأسكنها فسيح جناته كلاهما كانتا نعم الام لي اتحرم عليهما وأدعو لهما بجنة الخلد..وأغلبية المجاهدات أمهاتي و أمهاتي الممثلات القديرات بهية راشدي ووهيبة زكال وأتمنى للجميع طول العمر والصحة الجيدة، كما أترحم في هذا الشهر على كل الشهداء الأبرار وأن نتمسك بأمانتهم بالمحافظة على بلادنا الذي أعتبره كل حياتي، وأتمنى لأبي الغالي المتكفل بي إلى يومنا هذا أن يحشر مع النبيين والصديقين يوم القامة لأنه من أطيب خلق الله حفظه الله ورعاه.

فأنا لما اكتشفت أنني ابنة مجهولة النسب أين كان في عمري 14 سنة لم أطلب من الله أن ألتقي بوالدي البيولوجيين بل طلبته أن ألتقي بأمهاتي المجاهدات والحمد لله الذي وفقني في ذلك وأنا جد مسرورة اليوم وأحس نفسي متكاملة ومتوازنة ولا أعاني من أي نقص، حلمت دائما أن أكون صحفية لحبي الشديد للصحافة لم يحالفني الحظ بسبب عدم إكمالي لدراستي رغم أنني كنت تلميذة جد نجيبة لكنني وجدت نفسي محاطة بالأسرة الإعلامية من أصدقاء صحفيين والفنية من ممثلات وممثلين وحتى الثورية من مجاهدات ومجاهدين الذين أشكرهم جزيل الشكر على مساندتي في نضالي وكذا الشعب الجزائري الذي ساندني أيضا سواء من قريب أو من بعيد.

متى نشأت جمعية الطفل البريء؟ وما هي أهدافها؟

نشأت جمعيتنا في الثامن من أوت 2012 بدار الشباب ببلدية القبة تحت اسم أبناء  الجزائر هذا الاسم الذي ناضلت لأجله كثيرا لحبي الشديد لوطني لكن رفض السلطات العليا لهذه التسمية لأسباب مجهولة أثر في كثيرا لدرجة أنني أصبت بالحمى لمدة أربعة أشهر .

أما عن أهداف الجمعية فهو التكفل بانشغالات الطفولة مجهولة النسب في وضع صعب والتحسيس والتوعية ضد التخلي، ومحاربة تشرد الأطفال في وضع صعب وتقديم المساعدة النفسية والقانونية لهم.

وكذا مناضلتي من أجل أن تنزع جملة “ابن أو ابنة مجهول النسب” من وثائقنا وأقول”نحن نعرف ذلك فلماذا التشهير”، وأتمنى من السلطات المعنية أن تعمل على تدريب وتثقيف عمال الإدارة في هذا المجال لكي لا نضطر في كل مرة لمواجهة العديد  من المشاكل، أنا بالنسبة لي لست ابنة غير شرعية والداي هم المسئولان الوحيدان لإنجابهما لي بطريقة غير شرعية هم الغير شرعيين ولا ذنب لي في ذلك، وكل من ظلم هذه الفئة سيحاسب أمام الله يوم لا حق إلا حقه، فما أحسن بيت فيه يتيم يحسن إليه وما أسوء بيت فيه يتيم يساء إليه وكلما دخل يتيم لأي منزل تطرح فيه البركة.

من أهم الحقوق التي طالبت بها الجمعيات ضرورة التعامل الأخلاقي مع الآخرين بمحاربة العنف ضد الطفل؟ برأيك إلى أي مدى يخدم هذا البند حقوق الطفل؟

الأخلاق تتبع الإنسان منذ صغره ولما تكون قاعدة الطفل صحيحة مبنية على الأخلاق أينما ذهب يجد سندا له، أنا أندد بضرورة التعامل الأخلاقي مع الآخرين، ونبذ العنف ضد الطفل ، والعمل على كف الأذى عن المستضعفين في كل زمان ومكان والأخلاق تحمي الأطفال خاصة في طريقة التعامل معهم والتربية بدون أخلاق تتبع الطفل للانحراف منذ الصغر.

القوانين التي سنت مؤخرا ووقع عليها من طرف الحكومة هل أخذت بعين الإعتبار أم هي مجرد حبر على ورق؟

إلى غاية يومنا هذا للأسف الشديد لا زالت مجرد حبر على ورق، والعمل على إعطاء الحقوق التي لا أساس لها من الصحة كإعطاء المرأة الحق في سجن الرجل هذه حقوق مبالغ فيها، لست ضد المرأة لكن هي الأخرى من واجبها أن تصبر كما صبرت أمهاتنا وجداتنا على الأقل من أجل مستقبل أولادها  أو نفسيتهم التي سترتبك مع وجود مشاحنات يومية تنعكس على شخصيتهم بالسلب لأن الطفل دائما الضحية الأولى وهو من يدفع  ثمن أخطاء غيره.

انتشرت مؤخرا مصطلحات حقوق الطفل كالعيش بحرية وكرامة هل معاملة الأطفال بالجزائر وصلت إلى هذه الدرجة؟

الكلام وحده لا يكفي فسن القوانين ليس بالأمر الصعب لكن تطبيقها على أمر الواقع هو الأصعب بل أصبح مستحيلا فالكلام عقيم ولم نتحصل منه على أي نتائج ملموسة أنا شخصيا أتمنى من أي فرد في المجتمع بداية من الأم إلى الشرطي في الشارع إلى كل مسئول أن يعطي الطفل حقه، وأحلامي كلها تنصب في تسوية وضعية مجهولي النسب.

بذلت عدة جهود في مجال حقوق الطفل هل هذا يرجع الثقة للطفل مجهول النسب؟

إلى يومنا هذا ونحن في 2020 الأطفال مجهولي النسب لا يملكون وثائق وأحسن مثال على ذلك الفتاة حنان التي تعرفت عليها مؤخرا لا تحمل وثائق تثبت هويتها،  فنتمنى أن نجد الآذان الصاغية، لأننا دائما نلتقي بآذان مسدودة لا تستمع لمطالبنا خاصة لهذه الشريحة .

ما هي مطالبكم كفئة مجهولي النسب؟

يجب على الطفل المتكفل به أن يأخذ كل حقوقه في التعليم والسكن و الشهادات العليا وفي الوثائق خاصة لكي يحس بالتوازن في شخصيته في كل المجالات ليس فقط من ناحية المأكل والمشرب لأننا لسنا حيوانات بل من كل النواحي، صحيح أن كثير من الجامعات المدنية وكثير من الحكومات قامت بالاهتمام أيضًا بهذا الموضوع، والعمل من أجل إعطاء الأطفال حقوقهم نرحب بهذا الاهتمام المتزايد شيئًا فشيئًا في موضوع حقوق الأطفال، لكننا نريد التطبيق بعمل كثير من الأنشطة المتنوعة والمختلفة وذلك من أجل مساعدة الأطفال، وإرجاع الثقة لهم وتحييد الجيل القادم عن المشاكل.

ماذا عن ظاهرة إخراج مجهولي النسب من المراكز في سن 18 ؟

لا أوافقها، فلما ترمي البنت في سن 18 سنة إلى الشارع سيتكرر السيناريو، وتشجع عمالة الأطفال فمن المفروض أن الدولة هي التي تتكفل بهذه الشريحة قبل أي كان، لأن الطفل المجهول النسب ليس لديه أحد غير الله، وبمثابتي مناضلة وابنة مجهولة النسب أطالب من المسئولين أنقاض هؤلاء الأطفال لأنهم أبناء الجزائر وهي بحاجة إليهم أكثر مما هم محتاجين إليها وهم كغيرهم من الأطفال الآخرين.

ماذا تقولين للآباء والأمهات الذين يتخلون عن أطفالهم؟

أقول لهم إنشاء الله لما نقف جميعا أمام الله أين تكون العدالة الإلهية فوق كل شيء أنا شخصيا لا أحاسبهم لكن الله لا يرضى بالظلم، و يكفينا هذا نحن في 2015 ولا زلنا بأطفال غير شرعيين وهذه هي نتيجة جريمة الوالدين البيولوجيين.

وأشكر بالمناسبة كل العائلات المتكفلة بأبناء مجهولي النسب فهناك عائلات تعامل الأطفال الذين تقوم بتبنيهم أكثر من أبنائهم، وأنا على اتصال بالكثير من الأولياء الذين تكفلوا بأطفال ليسوا بأطفالهم والذين أتمنى لهم جنة النعيم لأنهم يستحقونها فعلا مثلهم مثل والداي المتكفلين بي حاليا.

الأولياء الذين يتخلون عن أولادهم كابنة مجهولة النسب وكمناضلة في حقوق هذه الفئة أعتبرها جريمة في حق البراءة، ويجب معاقبتهم ولو قاموا بمعاقبة أحد منهم ليكون عبرة لما كثر انتشار مثل هذه الظواهر، على الأقل يمنح له الاسم هذا لا يعني أننا نشجع العلاقات الغير شرعية بالعكس أنا أناضل من أجل محوها تماما من تاريخ البشرية وأحلم ببلدي أن يكون بلد بدون طفل غير شرعي ولا أقارن بلدنا بأي بلد آخر لأن ثورتنا العظيمة التي قادها مجاهدون ومجاهدات أبطال وراح ضحيتها شهداء أبرار لا تقارن بأي بلد مهما كانت عظمته.

 كلمة أخيرة

أشكر كل من ساندني ووقف إلى جانبي بدون استثناء وأتمنى أن أملك منزلا لأربي فيه هؤلاء اليتامى ويكونوا لي أبناء، أنا لم أحرم من كلمة أمي أو ماما لكنني أحس بالطفل الذي لم تتح له الفرصة لقول كلمة أمي، وبذكر الأم أطلب من جميع من لديه أم أن يقدرها ويحترمها ويرأف بها وبأي ضمير يرمون أولياءهم في دور العجزة وأتمنى أن يحسوا بذنبهم ويستيقظوا من سباتهم قبل فوات الأوان، كما أشكر قطاع مديرية النشاط الاجتماعي التي لا أستحي بها بل أفتخر، وأطلب من السلطات توفير المقر لجمعيتنا أو  على الأقل بناء دار تستفيد منها كل الجمعيات ولو ليومين في الأسبوع.

وهيبة تامر المناضلة الصريحة أول امرأة مجهولة النسب كانت لها الشجاعة في تأسيس جمعية تدافع عن حقوق الطفل البريء، قادت غمار الحياة وتحدت الصعاب لتجد لنفسها مكان وسط أهم نساء الجزائر من مجاهدات وفنانات قديرات، رغم أن صراحتها تزعج الكثيرين لكنها نزعت الكذب من قاموس حياتها لما سببه لها من مشاكل بتحطيمه لمستقبلها،  تمنت أن تعيش وقت الثورة لكنها ثائرة بطريقتها تفتخر بكونها ابنة مديرية النشاط الاجتماعي، هي سيدة طموحة تتمتع برؤية ثاقبة للأمور بحيث تحكمها نظرة تفاؤلية تستطيع من خلالها أن تبث الحماس والحيوية فيمن حولها وتنقل مشاعرها المتقدة بسرعة إلى كل من تتحدث معه. وتستطيع العيش في بيئة تتجاوب مع طموحاتها، بحب النجاح والرغبة في التميز وعدم الركون للمألوف الذي يخلو من المجازفة وتحلم بالجزائر بدون طفل غير شرعي، وفقها الله لما تصبوا وتطمح إليه.

تعليق واحد

أضف تعليقاً