غياب الرقابة زاد الطين بلة

بات من الضروري اليوم وأكثر من أي وقت مضى، التفكير في الطرق والآليات العملية لإيجاد حلول فورية للتدهور الأخلاقي الذي بات ينهش جيل المستقبل، فقد بات الكثير من أبناء هذا الجيل بدون أخلاق و سلوك، سواد يعم في المدارس والمؤسسات التعليمية بصفة عامة، فإلى متى سنبقى نتغاضى عن السلوكيات العنيفة والغربية عنا لمن نعتبرهم مستقبل الوطن.

سامية عرجي

باتت تربية الأطفال مهمة صعبة وشبه مستحيلة في عصرنا الحالي، وذلك راجع لتغير فكري ودخول أفكار غربية لمجتمعنا الذي يعتبر من بين المجتمعات المحافظة بالإضافة إلى الانتشار الرهيب الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي وصعوبة التحكم فيها، فقد أثرت هذه الأخيرة بشكل كبير على سلوكيات الطفل اين نقل كل ما يرى في تلك الصفحات الى الواقع وبالتحديد الى المدارس ومع غياب الرقابة سواء من طرف العائلة او المؤسسات بأطوارها الثلاث أدى الى نهايات كارثية.

الحب والتيكتوك يغزو عقول المراهقين…

علاقات غرامية..قصص حب.. وضعيات مشبوهة..رقصات ماجنة .. أغاني ذات كلمات بذيئة وهذا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي خاصة التيكتوك الذي بات احد اهم المواقع لدى الجيل الحالي للتعريف بأنفسهم بطريقة اقل ما يقال عنها قلة الادب لتصل بهم الوقاحة لحد وضع فيديوهات لأساتاذتهم وهم يستهزؤون بهم في ظل غياب الرقابة، سواء من طرف أولياء او حتى أساتذة ناهيك عن العنف وقلة الأدب اللا محدودين، كل هذه مناظر أصبحت عادية في ازقة المدارس ومساحتها، ولم تقتصر هذه السلوكيات على المدارس فقط بل هي في تغلل وتطور مستمر في المجتمع الجزائري ليصبح منظرا عاديا تنتهك وتغتال البراءة قبل وقتها ويضيع مستقبل امة بكاملها بسبب كبست زر، حيث اجمع العديد ممن تحدثت معهم مجلة “أحلامي” أن أخلاق الأطفال في تدهور مستمر وهذا لسهولة وصولهم الى مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت في متناول الجميع واصبح الوصول اليها سهلا مع التساهل الكبير من طرف الأهالي الذين في الكثير من الأحيان هم من يدفعون أطفالهم اليها بحكم انهم يتعلمون لغة جديدة او انهم يشاهدون أمور تلهيهم قليلا عن اوليائهم ويكون لهم قليل من الوقت لأنفسهم.

العنف يغزو فكر الأجيال الجديدة..

من منا لم يسمع بقصة الأستاذة التي طعنت في ظهرها والتي كادت ان تؤدي بحياتها ومهما كانت دوافع الطفل او حتى تعامل الغير السليم وغير اللائق من طرف الأستاذة فهو ليس مبرر للعنف، بالإضافة إلى السلوكيات العنيفة التي اصبح يمارسها أطفال سواء داخل المدرسة او خارجها وحتى في وسط العائلة دون أي محاسبة بحجة انه لايزال صغيرا ولا يلزم على عائلته محاسبته على أمور تعتبر في نظرهم انه مع الوقت ستنتهي،  وهذا ما اكدته لنا بعض الأمهات اللواتي التقين بهن خلال جولتنا استطلاعية اين قالت لنا حفيظة أم لأربع أطفال :”أنا لا أعقاب أبنائي خلال تشابكهم سواء بأيدي او بكلام، فهم أطفال ومن حقهم اللعب باي طريقة يريدونها وعند كبرهم سيفهمون من تلقاء انفسهم انهم مخطئون وسيصلحون اخطائهم”، واما عن عبلة وهي أستاذة ترى ان منع الضرب في المدرسة أدى لتدهور سلوك الأطفال والى تمردهم على الأساتذة ناهيك عن غياب الرادع من طرف الأهالي وتشجيعهم للرد على الأساتذة وغيرها من الأمور التي جعلت مستقبل الأطفال في خطر من ناحية السلوك وحتى مستوى التعليم هم في تدهور مما يلزم على الجهات المعنية النظر بجدية لمساعدة الأستاذ في تحسين وإصلاح ما يجب إصلاحه في هذا القطاع.

مختصة في علم الاجتماع تؤكد ان غياب الردع أدى الى تدهور سلوكيات أطفالنا

وللتعمق اكثر في الموضوع اتصلنا بمختصة في علم الاجتماع “نمور صبرينة” والتي ترى أن الانحلال الأخلاقي في المدارس ماهو الا نتيجة الى التطور الكبير للتكنولوجيات الحديثة ودخول التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي وما تعرضه من مغريات على المراهق الذي يبحث دائما عن الجديد وعن مغامرات وقصص تختلف عن الواقع الذي يعيشه، لتضيف قائلة:” بدون ان ننسى انه تم تحطيم صورة الأب التاريخية، فلم يعد الأب الشخص القوي الذي يسيطر على عائلته والكل يهابه، بل قل احترامهم له وأصبح الأبناء خارج السيطرة الأبوية ليكون الشارع هو الحاضن والمربي وتكون دروس الرذيلة، لتكون دروس” الحومة” كما نقول بالعامية هي أولى الدروس التي يتلقاها الطفل والنتيجة هذا نراها بأعيننا في مدارس وحتى المنازل من قلة ادب ولهذا لابد علينا من دق ناقوس الخطر على أجيال المستقبل التي ترى كل شيء مباحا ومع التطور الرهيب لمواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها المحكم على الأطفال والمراهقين في ظل غياب الاولياء والمختصين وحملات التوعية سواء في المساجد او عبر قنوات التليفزيون والتي هي أخرى باتت تشهر بهذه المواقع فبالرغم من فوائد هذه الأخيرة الا انها تعتبر خطرا على الأطفال والمراهقين الذين لا يعرفون كيفية استخدامها لصالحهم لتكون بذلك أشهر سلاح على أبنائنا بدون قيام بأي ردة فعل وبالتالي أرى ان غياب الاب وسطلته التي كان يتمتع بها في السابق ودخول التكنولوجيا هي سبب تدهور الاخلاق التي تعتبر أساس الأمم وعليه لابد من وضع حلول كمنع استخدام الهاتف للطفل وتوعية الأولياء بالخطر الذي يتعرض له أطفالهم وإرجاع هيبة الأستاذ لردع سلوكيات الطفل والكثير من الحلول التي علينا مناقشتها كمختصين وإعطائها للمجتمع وفي الأخير اختم قولي بمقولة إنما الأمم الأخلاق.. إن ذهبت ذهبوا”.

 

 

 

أضف تعليقاً